الحاسوب الذي غدا صديقاً لبعضنا وأستاذاً ومرشداً للبعض الآخر, فبعد أن كان الشباب يملؤون وقتهم بزيارة الأقارب والأصدقاء ومطالعة الكتب والتسكع في المقاهي والملاهي أصبحوا يجلسون ساعات طويلة
أمام شاشات الحاسوب في مقاهي الإنترنت دون ملل أو كلل أو ضوابط , يمارس بعضهم ألعاباً تجعل المشاهد يصرخ لها وللأسف بدلاً من أن يقدم هذا الجهاز الفائدة من خلال قدراته المتعددة والمتنوعة , وضع لعرض مواد وبرامج تركز على قيم غريبة عنا تضر بسلوكيات وأخلاقيات شبابنا , والسؤال هنا : هل يستخدم الشباب الانترنت في المقهى للغرض الذي أنشئ له ? ومن يراقبهم أثناء ذلك سواء أكان من الأهل أم من المسؤولين عن هذه المقاهي ?
أحد الأسباب الرئيسية لسوء هذه الأماكن هو سعي أصحابها للربح السريع الذي يتحول إلى غاية بحد ذاته خصوصاً في أماكن السكن العشوائي الذي تصعب مراقبته , وما يزيد أيضاً من الأثر السلبي لهذه الأماكن هو إغلاقها على روادها وما يحدث من مشاجرات بينهم وانزعاج الجوار وعدم تعاون الجهات المعنية لتنظيم هذه المحال ووضع قوانين ناظمة لها .
وللأهل أيضاً القسط الأكبر من المسؤولية , إذ يعتبرون جلوس أبنائهم ساعات طويلة أمام جهاز الحاسب دون معرفة منهم بما يشاهدونه ظاهرة حضارية بل وطريقة مثالية لتمضية الوقت .
وفي دراسة ميدانية بينت أن 45% من الشباب يستخدمون الانترنت و40% من الشباب يتحدثون عبر مواقع الدراسة و42% يقضون وقتهم للمحادثة من 2ـ7 ساعات يومياً كما أن 38% من الشباب ينفقون بحدود 200 ليرة يومياً في مقاهي الانترنت وهو مبلغ مرتفع قياساً إلى دخل الأسرة المحدود , كما بينت أن أهم المواقع التي يزورها الشباب حيث 63 % يزورون مواقع كوميدية و6% فقط يزورون مواقع سياسية و45% مواقع عربية تساعدهم على زيادة ثقافتهم و48% مواقع أجنبية غير مفيدة إطلاقاً لكونها تحمل ثقافات ومواضيع مختلفة عن ثقافتهم ومواضيعهم الخاصة .
إيجابيات :
الانترنت كظاهرة حضارية فيه العديد من الإيجابيات فهي تجمع الشباب على أسس مشتركة وهي تحمل معها مزايا تمازج الثقافات وسهولة التواصل العلمي والثقافي والاستفادة من تجارب الآخرين وخبرتهم والنتائج العلمية والتقنية من كل أنحاء العالم والمشكلة التي تواجه العالم الجديد تدل على أن عالم الحرية الالكترونية بحاجة إلى قوانين وضوابط وجهات رقابية , ومن إيجابيات الانترنت تنطلق من الحرية في التواصل الإنساني الفكري والعلمي والاقتصادي وتبادل الخبرات والإحساس بالإنجاز العلمي المشترك .
لكن الطبيعة الحرة لتطور خدمات الانترنت وانتشارها بهذه السرعة لايفسح المجال لبناء ثقافة عالمية مدروسة وعريقة أو حتى لوضع أسس اقتصادية عادلة .
أخيراً :
إن الانترنت واستخدامه في المقاهي غير المراقبة يؤثر على الوضع المادي للشباب كما يؤثر على أفكار الشباب لتعلمهم عن طريقه أفكاراً خاطئة وأموراً قد تكون خارجة عن نطاق الأخلاق , ولكن تقديم المساعدة للرواد بإعطائهم أسماء مواقع الكترونية ومجلات ومكتبات افتراضية وزيادة الرقابة على المواقع التي يدخلها الشباب والمواضيع التي يتحدثون بها وبشكل خاص في المقاهي يفتح آفاقاً واسعة لدى الشباب تجعلهم يبحرون في ثقافات واسعة عبر بحر الكتروني.