سورى برستيجي لايسمح
أكاد لا أصدق نفسي.. ففي الفترة الأخيرة قابلت بنات لهن منطق مرعب في التفكير، وسمعت قصصا كثيرة تؤكد أن ذلك المنطق ليس استثنائيا ولا يخص حالات بعينها ولكنه منطق يسود نمط تفكير بنات بسيطات يعانين من ضيق الحال ومن الظروف الاقتصادية الصعبة ولكن.. وعلي الرغم من ذلك.. يتعاملن مع "الشغل" بكبر وترفع وخجل..
بنات يرفضن العمل الشريف.. لماذا؟!
لأنه - وكما يقلن - مش برستيج!
قبل سرد قصص هؤلاء الفتيات لابد من التأكيد علي أن هناك فتيات مثابرات مكافحات يقدرن قيمة العمل ويحترمن وظائفهن مهما كانت بسيطة لأنهن يقدرن الرزق الحلال والرزق الذي لم يعد من السهل الحصول عليه في مثل هذه الظروف ووفق إمكاناتهن التعليمية والمهنية.
وأكثر ما شدني لطرق هذه القضية هو صدمتي بالعديد من الحالات لبنات يرفضن العمل لأنه - وفق تعبيرهن - "مش اللي هو"! والحقيقة أنني لا أعلم ما هو الشغل إللي هو!
وسأذكر لك بعض النماذج الواقعية الموجودة فى الحياة مع عدم تعيين الشخصيات
بنت لا تجيد اللغات ولا الكمبيوتر وليست لها مهارات خاصة، فهي أخت لأربعة إخوة وابنة لموظف وربة منزل.. جاءتها فرصة للعمل كمربية لطفلة صغيرة براتب يتجاوز الستمائة جنيه، رغم إغراء المبلغ واحتياجها الشديد له نظرا لظروف عائلتها الصعبة، رفضت وقالت: "عاوزة اشتغل شغلانة ما أتكسفش منها"! ليستهذه البنت حالة استثنائية، مثلها كثيرات، يخجلن من بعض الأعمال ويقبلن بأعمال أخري دون فهم واضح لمنطقهن.
فتاة أخرى مخطوبة وتجهز للزواج ولكن ضيق الحال يقف حائلا أمام أي خطوة نحو المستقبل، وعندما جاءتها فرصة العمل لمساعدة سيدة عاملة في شئون المنزل ليومين فقط في الأسبوع براتب 350 جنيها.. رفضت وقالت: "صحيح أنا معي إعدادية بس، لكن مش آخرتها أشتغل خادمة"، وفي النهاية قبلت البنت العمل في عيادة طبيب لمدة ٥ أيام في الأسبوع من الساعة الخامسة وحتي الحادية عشرة مساء براتب 150 جنيها في الشهر!!
هذا بالإضافة إلي إخرى .. مؤهل متوسط.. وفقط.. رفضت فرصة العمل عاملة تغليف في مصنع في السادس من أكتوبر براتب يصل إلي خمسمائة جنيه بحجة أن المسافة طويلة، فهي تسكن في "رمسيس"، رغم وجود أتوبيس لنقل العاملين وتوصيلهم*"!!!". وفضلت البنت الانتظار لوظيفة أخري تناسب ظروفها بحيث تكون غير مجهدة لها..
بصراحة.. هناك مشكلة في نمط تفكير هؤلاء البنات أو مثيلاتهن في وقت، يمكن أن تقبل نفس الفتاة العمل في الخارج كخادمة أو مربية وتحمل مشقة الغربة وذلك بحجة "أن في أي دولة أخري.. مفيش حد يعرفنا" هل هذا منطق؟!
بنات يعانين أسوأ معاناة اقتصادية، ولكنهن في نفس الوقت يخجلن من العمل.. بل لا يدركن الوضع السيئ الذي يعانيه شباب كثيرون لديهم مؤهلات عليا ومهارات متنوعة لكن فرص العمل أمامهم ضئيلة والسؤال الذي أطرحه والذي لا يحمل أية شبهة إهانة أو إنقاص من قدر هؤلاء البنات: - "ماذا يتوقعن؟! ماذا ينتظرن من وظائف يحلمن بها ويرضين عنها ولا يخجلن منها؟! أليس ألف باء العمل.. هو العرض والطلب؟! أليس سوق العمل تحتم علي أي عامل أن تكون لديه مهارات ما.. ولكن هي حلقة مفرغة لا ألوم فيها الفتيات اللائي كن ضحية تعليم مشوه يخرج أنصاف وأشباه متعلمين بلا مهارات أو مميزات ولا ألوم الفتاة التي لم تحسن قدراتها لأن هذا يتطلب مالا، فهل ستقطع من قوت أسرتها حتي تلتحق بمعهد لتحسين الإنجليزية مثلا؟! إنها معادلة صعبة. وعلي البنات أن يدركن أن سوق العمل أصبحت معضلة تطول ملايين الشباب والذين منهم أكفاء كثيرون لهذا.. أهمس في آذان هؤلاء الفتيات أن يعدن النظر في طريقة التفكير والحياة.. فالحياة صعبة.. ولابد من عمل ليعيننا عليها .. والعمل شرف وعبادة.. وستكونين من أشرف وأصلح العباد إن بحثت عن رزقك في عمل شريف أما إذا تزوجتي من تحبي ووفر لك الحياة الكريمة فبها وبنعمت لكن طالما أن ذلك غير موجود حاليا فلماذا الخجل من العمل الشريف ؟!
تنوية ..
قد يصلح هذا التوبيك ايضا فى الكلام عن الشباب الذين يخجلون من مهمة ضابط امن فى مول أو كاشيير بحجه إن ده موش برستيجه